دفء الجيران

في حي شعبي قديم، حيث المنازل متلاصقة والناس يعرفون بعضهم بعضًا، عاشت سعاد مع عائلتها الصغيرة. كان زوجها، خالد، يعمل سائق حافلة، وكانت حياتهما بسيطة لكنها مليئة بالحب والتفاهم. كان لديهما طفلان، ياسر وفاطمة، اللذان كانا يمثلان فرحة حياتهما.

في صباح يوم أحد مشمس، كانت سعاد تستعد للذهاب إلى السوق لشراء بعض الحاجيات. وقفت عند الباب جارتها الجديدة، مريم، التي انتقلت حديثًا إلى الحي. كانت مريم شابة في منتصف العشرينات، وكانت تبدو دائمًا شاردة الذهن ومشغولة البال. رحبت بها سعاد بحرارة، ودعته لتناول فنجان من الشاي.

جلس الاثنتان في مطبخ سعاد الصغير، وبدأت سعاد تتحدث بحماس عن الحي وأهله. لكن مريم كانت صامتة، وكأنها تحمل همًا كبيرًا. لاحظت سعاد ذلك وسألتها بلطف: “هل كل شيء على ما يرام يا مريم؟ تبدين حزينة.”



تنهدت مريم وقالت بصوت منخفض: “أنا وحيدة هنا. انتقلت إلى هذا الحي بعد أن انفصلت عن زوجي. أشعر بأنني غريبة ولا أعرف أحدًا.”

ابتسمت سعاد وقالت: “لا تقلقي يا مريم، نحن هنا عائلة واحدة. ستجدين الكثير من الأصدقاء قريبًا.” ثم دعتها للانضمام إليها في جولتها في السوق.

في السوق، تعرفت مريم على العديد من الجيران الذين رحبوا بها بحرارة. شعرت مريم ببعض الراحة والاطمئنان. بعد العودة من السوق، دعت سعاد مريم لتناول الغداء مع عائلتها. كان خالد والأطفال يرحبون بها وكأنها فرد من العائلة.

بمرور الأيام، أصبحت مريم جزءًا لا يتجزأ من حياة الحي. بدأت تعمل في مكتبة صغيرة، حيث كانت تقرأ للأطفال قصصًا ممتعة. كانت تجلب معها دائمًا الحلويات وتوزعها على الأطفال، مما جعلهم يحبونها كثيرًا.

في إحدى الأمسيات، وبينما كان الجميع يجتمعون في حديقة الحي للاحتفال بمناسبة محلية، قالت مريم لسعاد: “أنتِ من جعلتني أشعر بأن لي مكانًا هنا. شكراً لكِ على دعمك وصداقتك.” أجابتها سعاد بابتسامة: “نحن هنا لنكون سندًا لبعضنا. هذا هو معنى الحياة في هذا الحي.”

وهكذا، بفضل اللطف والمحبة، وجدت مريم مكانها في الحي وأصبحت جزءًا من عائلة كبيرة، حيث يساند الجميع بعضهم البعض في السراء والضراء.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
http://www.example.com/foo.html 2018-06-04