شجرة البؤس

للكاتب طه حسين

الخلاصة للزميل كريم ابو حاتم


من أجمل الروايات التي كتبها الأديب( طه حسين) كانت رواية اسمها (شجرة البؤس) ولمن لم يقرأها فهي تحكي عن شاب وشابة تزوجا عن أهلهم الذين كانت تربطهم صداقة وعلاقة عمل.....تزوجا رغم قبح زوجته الشديد فإن الزوج لم ير امرأة سواها ولم يعرف زوجة غيرها فلم يتذمر يوماً من قبح زوجته الشديد..  بل ربما لم يخطر بباله يوماً إنها قبيحة..هي زوجته وكفى.. يحبها بشدة لأنها تمثل له السكن والمودة والرحمة والتراحم فلم يفكر يوما إن كانت جميلة أو قبيحة هو يحبها لأنها زوجته وهذا كاف بالنسبة له...  مرت الأيام وولدت الزوجة طفلة تشبهها في قبحها الشديد ولكن فرحة الزوج كانت عارمة فقد رزقه الله ابنة...وقد صارت قرة عينه وشغله الشاغل....وعاش الزوج وزوجته وطفلتهما سعداء واغدق الأب أبنته في الدلال والحب حتى لم ينقصها حبا ولا رعاية.....


ثم جاء اليوم الذي وضعت فيه زوجته طفلة أخرى...ولكنها هذه المرة بارعة الجمال...وللمرة الأولى يرى الزوج مالم يراه من قبل !!!!أنارت له طفلته الجديدة عينيه فيرى للمرة الأولى كم إن زوجته شديدة القبح هي وابنته الاولى مقارنة بطفلته الثانية....ومنذ تلك اللحظة بداء يزرع بذرة البؤس في بيته حتى تتملك شجرة البؤس بيته...  فلم يعد سعيداً كما كان !!!!لم تعد زوجته الحبيبة ترضيه ولم يملك إلا أن ينفر من طفلته الأولى وهو ينظر لطفلته الثانية رائعة الجمال....تكبر شجرة البؤس وتنمو يوما بعد يوما وتنتهي القصة باستمرار بؤس تلك الأسرة عندما تحل على الزوج لعنة المقارنة بين طفلتيه فيبدأ في التفريق في المعاملة بينهما ويتغير في معاملته لزوجته التي لاذنب لها سوى إنها ولدت طفلة تشبهها في قبحها وطفلة بارعة الجمال.....أتذكر تلك الرواية كلما أطلق أحدهم السؤال الخالد: ترى ما هو سر السعادة في الدنيا ???الحقيقة إن كل إنسان يصنع سعادته بنفسه عندما ينظر دائما للجانب المشرق في كل أمر في حياته... عندما يرضى بما قسمه الله له ويتعامل معه على أنه أفضل شيء له.....ذلك الزوج فقد السعادة في اللحظة التي تخلى فيها عن رضاه عما يملك....ربما كانت زوجته قبيحة...لكنها صالحة.... ربما له ابنة قبيحة لكنها تحبه.....لم ينظر للحظة إن الله أكرمه بطفلة ثانية جميلة وهي نعمة من الله.....لقد نسى نعمة الله عليه وتعامل معها على أنها أظهرت له شيئا ينقص حياته..لقد قسم الله الأرزاق للناس ولم يعط أحدا كل شيء.....فإن كنت تبحث عن السعادة فكف عن المقارنة بين ما تملك وما لاتملك ....كف عن احصاء ما يملكه غيرك وليس عندك وأبدا في عد ما منحه الله لك وارضى به...فالرضا في حد ذاته فضلا ونعمة لاتزرعوا في حياتكم بذرة البؤس..... 



عن المؤلف


طه حسين: أديبٌ ومفكِّرٌ مِصريٌّ، يُعَدُّ عَلَمًا من أعلام التنوير والحركة الأدبية الحديثة، امتلَكَ بَصِيرةً نافذة وإنْ حُرِم البصر، وقاد مشروعًا فكريًّا شاملًا، استحقَّ به لقبَ «عميد الأدب العربي»، وتحمَّلَ في سبيله أشكالًا من النقد والمُصادَرة.وُلِد «طه حسين علي سلامة» في نوفمبر ١٨٨٩م بقرية «الكيلو» بمحافظة المنيا. فَقَدَ بصرَه في الرابعة من عمره إثرَ إصابته بالرمد، لكنَّ ذلك لم يَثْنِ والِدَه عن إلحاقه بكُتَّاب القرية؛ حيث فاجَأَ الصغيرُ شيخَه «محمد جاد الرب» بذاكرةٍ حافظة وذكاءٍ متوقِّد، مكَّنَاه من تعلُّم اللغة والحساب والقرآن الكريم في فترة وجيزة.وتابَعَ مسيرته الدراسية بخطوات واسعة؛ حيث التحَقَ بالتعليم الأزهري، ثم كان أول المنتسِبين إلى الجامعة المصرية عامَ ١٩٠٨م، وحصل على درجة الدكتوراه عامَ ١٩١٤م، لتبدأ أولى معاركه مع الفكر التقليدي؛ حيث أثارَتْ أطروحتُه «ذكرى أبي العلاء» مَوجةً عالية من الانتقاد. ثم أوفدَتْه الجامعة المصرية إلى فرنسا، وهناك أَعَدَّ أُطروحةَ الدكتوراه الثانية: «الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون»، واجتاز دبلوم الدراسات العليا في القانون الرُّوماني. وكان لزواجه بالسيدة الفرنسية «سوزان بريسو» عظيم الأثر في مسيرته العلمية والأدبية؛ حيث قامَتْ له بدور القارئ، كما كانت الرفيقة المخلِصة التي دعمَتْه وشجَّعَتْه على العطاء والمُثابَرة، وقد رُزِقَا اثنين من الأبناء: «أمينة» و«مؤنس».وبعد عودته من فرنسا، خاض غِمار الحياة العملية والعامة بقوة واقتدار؛ حيث عمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني بالجامعة المصرية، ثم أستاذًا لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب، ثم عميدًا للكلية. وفي ١٩٤٢م عُيِّن مستشارًا لوزير المعارف، ثم مديرًا لجامعة الإسكندرية. وفي ١٩٥٠م أصبح وزيرًا للمعارف، وقاد الدعوة لمجانية التعليم وإلزاميته، وكان له الفضل في تأسيس عددٍ من الجامعات المصرية. وفي ١٩٥٩م عاد إلى الجامعة بصفة «أستاذ غير متفرِّغ»، وتسلَّمَ رئاسة تحرير جريدة «الجمهورية».أثرى المكتبةَ العربية بالعديد من المؤلَّفات والترجمات، وكان يكرِّس أعمالَه للتحرُّر والانفتاح الثقافي، مع الاعتزاز بالموروثات الحضارية القيِّمة؛ عربيةً ومصريةً. وبطبيعة الحال، اصطدمت تجديديةُ أطروحاته وحداثيتُها ببعضِ الأفكار السائدة، فحصدت كبرى مُؤلَّفاته النصيبَ الأكبر من الهجوم الذي وصل إلى حدِّ رفع الدعاوى القضائية ضده. وعلى الرغم من ذلك، يبقى في الذاكرة: «في الأدب الجاهلي»، و«مستقبل الثقافة في مصر»، والعديد من عيون الكتب والروايات، فضلًا عن رائعته «الأيام» التي روى فيها سيرته الذاتية.رحل طه حسين عن دُنيانا في أكتوبر ١٩٧٣م عن عمرٍ ناهَزَ ٨٤ عامًا، قضاها معلِّمًا ومؤلِّفًا وصانعًا من صنَّاع النور. 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
http://www.example.com/foo.html 2018-06-04